“سيطرة الصين على سوق العناصر الأرضية النادرة وجهود أوروبا للتحرر من هذه التبعية”
على الرغم من توزع العناصر الأرضية النادرة في مختلف أنحاء العالم، إلا أن الصين هي من استغلتها بشكل كبير وهيمنت على سوقها العالمية. في المقابل، يعتمد الاتحاد الأوروبي بشكل شبه كامل على الصين في توريد ومعالجة هذه المعادن الحيوية، وهو ما يشكل تهديدًا اقتصاديًا خطيرًا بالنسبة للاتحاد.
أدركت الصين منذ أكثر من ثلاثة عقود الأهمية الاستراتيجية لهذه الموارد، فعملت على بناء موقع مهيمن في إنتاج أكاسيد الأتربة النادرة، وهي المادة الخام التي يمكن فصل العناصر الأرضية النادرة منها. وعلى الرغم من محاولات أخرى للدخول إلى هذا السوق، إلا أن الصين لم تقف مكتوفة الأيدي، بل ضاعفت إنتاجها من 105 آلاف طن إلى 210 آلاف طن في عام 2022، متجاوزة بذلك الزيادات التي شهدتها دول أخرى.
ويقول الباحث إدواردو ريجيتي: “على المدى القصير، ستظل الصين اللاعب الرئيسي… لا يمكن كسر الميزة التنافسية التي بنوها على مدار السنوات الثلاثين الماضية في غضون 5 سنوات”. وهنا تبرز المخاوف الاستراتيجية والأمنية للاتحاد الأوروبي من هذه التبعية للصين في هذا المجال الحيوي.
ولمواجهة هذه التحديات، سعى الاتحاد الأوروبي إلى تنويع مصادره والتقليل من اعتماده على الصين. وفي هذا الإطار، جاءت عدة اكتشافات جديدة لرواسب المعادن النادرة في أوروبا، كما في النرويج والسويد، لتشكل أملاً في تحرر القارة من هذه التبعية.
إلا أن صناعة التعدين في أوروبا لا تزال متخلفة، وتواجه العديد من التحديات البيئية والتنظيمية التي تعيق توسعها. وفي ظل توقعات بارتفاع الطلب الأوروبي على هذه المعادن بخمسة أضعاف بحلول عام 2030، تبرز الحاجة الماسة لدى الاتحاد الأوروبي إلى إيجاد حلول مبتكرة لتعزيز سيطرته على سلسلة التوريد الخاصة به في هذا المجال الحيوي.