تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على التعليم الجامعي: فوائد وتحديات
على مدار السنوات القليلة الماضية، انتشرت التكنولوجيا بأنواعها المختلفة انتشاراً واسعاً في مختلف المجالات، وعلى رأسها الإنترنت وأنظمة الذكاء الاصطناعي. أصبحت هذه التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من الحياة العملية والعلمية والتعليمية. كان استخدام الإنترنت بارزًا بشكل خاص خلال الأزمات العالمية، مثل جائحة فيروس «كورونا» التي دفعت الجميع للعمل والدراسة عن بُعد.
ومع تطور التكنولوجيا بسرعة فائقة، ظهرت أنظمة ذكاء اصطناعي جديدة مثل «تشات جي بي تي»، الذي يمكنه إنجاز بحث علمي في غضون دقائق. لكن يبقى السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان: هل ستؤثر هذه التقنيات سلباً أم إيجاباً على المجتمع؟
في هذا التحقيق، سلطت صحيفة «الخليج» الضوء على تأثير التكنولوجيا وأنظمة الذكاء الاصطناعي، وخاصة «تشات جي بي تي»، على طلبة الجامعات. وقد انقسمت آراء المديرين والمسؤولين الأكاديميين بين مؤيد ومعارض. فبينما يرى البعض أن هذه التكنولوجيا تسهل على الطلبة حياتهم العلمية، يرى آخرون أنها تعطل العقل البشري وتهدر الوقت بسبب سوء استخدامها من قبل بعض الطلبة.
إساءة الاستخدام
قال الدكتور حمد العضابي، نائب مدير جامعة أبوظبي: “إن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمنح الطالب فرصًا واسعة للتعلم ويمكن تخصيصه وفقاً لطريقة تعلم الطالب وخلفيته العلمية وسرعة تعلمه. ولكن في المقابل، قد يسيء بعض الطلبة استخدام هذه التقنية بإهدار الوقت في مواضيع غير مفيدة أو استخدامها بطرق تعطل العقل البشري. لذا، يعتمد تأثير التقنية على الطالب سلباً أو إيجاباً على التوجيه والتدريب الذي يتلقاه والتجارب التي يمر بها. فعلى الجامعات والمدارس تدريب الطلبة على ممارسات تدعم الاستخدام المفيد لهذه التقنية، مع المحافظة على النزاهة العلمية والأخلاقية”.
أنواع التكنولوجيا المسموح بها
أوضح العضابي أن جامعة أبوظبي تسمح للطلبة باستخدام مجموعة منتقاة من التقنيات التي تدعم تعلمهم وتعدهم للمستقبل، مثل نظام إدارة التعلم الإلكتروني، وتطبيقات ميكروسوفت 365، وأنظمة إدارة المشاريع، والأتمتة، وبناء التطبيقات، وبرامج التواصل عن بُعد. كما تسمح الجامعة باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي لأغراض التعلم، وتمنع استخدامها في مشاريع الطلاب التي لا تتطلب ذلك.
استخدام «تشات جي بي تي»
أكد العضابي أن الجامعة لا تسمح باستخدام «تشات جي بي تي» في البحث العلمي، وإنما تمتلك نظام ذكاء اصطناعي مرتبط بدور النشر العلمية، يسمح للأساتذة والطلبة بالوصول إلى أحدث الأبحاث وتلخيص وتقييم الاستشهادات العلمية، مما يساعد في مراجعة الأبحاث وتقييم جودتها.
تأثير التكنولوجيا
قالت البروفيسورة ناتالي مارسيال براز، مديرة جامعة السوربون أبوظبي: “إن التكنولوجيا الجديدة لها تأثيرات إيجابية وسلبية على الطلاب. فمن الناحية الإيجابية، تسهل هذه التقنيات البحث والوصول إلى المصادر وتوفر كمًا كبيرًا من المعلومات. ومن الناحية السلبية، قد يؤدي الاعتماد المفرط على هذه التقنيات إلى تعطيل العقل البشري”.
وأضافت: “أثناء الدراسة، يُسمح للطلاب باستخدام جميع أنواع التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي وأجهزة الكمبيوتر لدعم تعلمهم. لكن في الامتحانات، يُطلب من الطلاب استخدام مهاراتهم العقلية في التفكير، باستثناء امتحانات العلوم التي يُسمح فيها باستخدام الآلات الحاسبة”.
أنظمة مضللة وأهمية المعارف
أكد موريس بومرانتز، مدير أول لمعهد جامعة نيويورك أبوظبي، وأستاذ الأدب العربي في الجامعة، أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يساعد في معالجة بعض أكبر التحديات التي تواجه البشرية، لكنه قد يتسبب أيضًا في تسارع تدفق المعلومات المضللة. وأوضح أنه يجب على الجامعات تكثيف جهودها لتمكين الطلاب من تقييم المعلومات نقديًا.
آراء الطلاب
أكد عدد من الطلبة أن أنظمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي مثل «تشات جي بي تي» سهلت إجراء البحوث العلمية بشكل كبير. وقال الطالب محمد حمدي الشهابي إنه يستعين بـ«تشات جي بي تي» في إجراء أبحاثه العلمية، بينما أشار محمد علي إلى أنه يستخدمها في أبحاثه ولكنه يتمعن في قراءة كل سطر. ورأى عبد الهادي مبارك أن تكنولوجيا «تشات جي بي تي» شأنها شأن تكنولوجيات كثيرة تُستخدم في الأنظمة التعليمية والعلمية.