سياسة

روسيا تستثمر الفراغ الغربي في أفريقيا.. هل ستنجح في ذلك؟

تُظهر الجولة الأفريقية الجديدة التي يقوم بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو تتخذ خطوات حثيثة لاستثمار الفراغ الغربي في القارة السمراء وتعزيز نفوذها هناك.

حيث وصل لافروف إلى غينيا كوناكري كأول محطة في جولته، والتي ستشمل أيضًا الكونغو-برازافيل وتشاد وبوركينا فاسو. وتأتي هذه الزيارة بعد تدهور علاقات روسيا مع الدول الغربية، وفي ظل نجاحات حققتها موسكو في ملء الفراغ الفرنسي والأمريكي في منطقة الساحل الأفريقي.

ويرى الخبراء أن هذه الجولة تأتي في إطار مساعي روسيا لتعزيز علاقاتها مع الدول الصديقة وكسب علاقات جديدة بالمنطقة، إضافة إلى التحضير للقمة الروسية الأفريقية المقبلة. فقد اتفق الرئيس بوتين مع القادة الأفارقة في قمة سابقة على دعم عالم متعدد الأقطاب ومكافحة الاستعمار الجديد.

ومن خلال هذه التحركات، تسعى روسيا إلى استثمار الفراغ الغربي في أفريقيا وتعزيز نفوذها في المنطقة، وهي خطوة تثير تساؤلات حول مدى نجاحها في تحقيق أهدافها هناك.

تُشير جولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في أفريقيا إلى أن موسكو تسعى لاستثمار الفراغ الغربي في القارة وتعزيز نفوذها هناك.

وفقًا للخبير التشادي الدكتور محمد شريف جاكو، فإن هذه الزيارة تأتي ضمن الموقف الروسي لتعزيز العلاقات مع الدول الصديقة في منطقة الساحل الأفريقي. فروسيا تسعى لكسب دول أخرى مثل غينيا كوناكري وتشاد إلى صفها، استثمارًا للتوتر في علاقتها مع الدول الغربية.

ويرى الخبير أن موسكو تحاول فك العزلة الغربية عليها بعد الحرب في أوكرانيا، من خلال التوجه نحو أفريقيا. فقد استفادت روسيا في المحافل الدولية، خاصة في الأمم المتحدة، من تصويت 6 دول أفريقية لصالحها، مما يُشير إلى أن هذا الرقم سيزيد.

وتنظر الدول الأفريقية إلى روسيا على أنها شريك محتمل لتحقيق مصالح معينة، والتخلص من الحصار الغربي، إضافة إلى تحقيق مصالح أمنية، حيث قدمت موسكو دعمًا عسكريًا كبيرًا لدول المثلث الساحلي.

وبذلك تسعى روسيا من خلال هذه الجولة إلى تعزيز نفوذها في أفريقيا واستثمار الفراغ الغربي في المنطقة، في إطار جهودها لفك عزلتها الدولية.

ووفق الخبير، فإن الغرض من هذه الجولة هو التحضير للقمة الروسية الأفريقية القادمة، وكسب دول جديدة وتعزيز العلاقات مع الدول الصديقة وطمأنة هذه الدول بأن روسيا بجانبها دائما.

وختم بالقول إن هذه الجولة ستقلق الدول الغربية والتي تريد تعويض خساراتها في غرب أفريقيا، متوقعا أن تذهب القارة السمراء في الفترة المقبلة بعيدا عن الهيمنة الغربية والاتجاه نحو روسيا.

نفوذ يتمدد

من جانبه، يعتبر الدكتور محمد تورشين، الباحث السوداني في الشأن الأفريقي، أن الجولة الروسية بالقارة تأتي لتعزيز العلاقات بين موسكو وهذه الدول.

وقال تورشين لـ”العين الإخبارية”، إن “موسكو تتخذ الآن مسارا آخر لإعادة تمتين علاقاتها مع بعض الدول خارج نطاق دول الساحل الأفريقي”.

وأضاف أن “الزيارة لغينيا مهمة جدا، وربما تكون محاولة تمدد النفوذ الروسي إلى دول خليج غينيا، وأن موسكو أصبحت تبحث عن أراض جديدة في دول أخرى”.

وتابع أن الزيارة لتشاد لها نفس الأهمية، بعد خروج القوات الأمريكية وانتشار القوات الفرنسية فيها بعد خروجها من الساحل الأفريقي، مشيرا إلى أنها تأتي بعد الزيارة التي قام بها ديبي إلى موسكو.

وبحسب الخبير، فإن زيارة لافروف إلى بوركينا فاسو تستهدف تعزيز العلاقات مع دول الساحل الأفريقي، لافتا إلى أن هذه الجولة سيكون لها ما بعدها، وستكسب روسيا أراضي جديدة وواسعة في القارة.

وخلص إلى أن هذه الزيارات تعكس أهمية القارة في السياسة الخارجية الروسية.

تشاد أولا

أما عبد الله إمباتي، الكاتب الصحفي الموريتاني المتخصص في الساحل الأفريقي، فيعتبر أن جولة وزير الخارجية الروسي في أفريقيا تستهدف تشاد بالدرجة الأولى لمحاولة ضمها إلى مثلث الساحل الأفريقي مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

وقال إمباتي لـ”العين الإخبارية”، إن “تشاد لن تكون سهلة مثل دول المثلث الساحلي، لأن روسيا وطدت علاقاتها مع دول جرت بها انقلابات على حكومات تابعة لفرنسا، بينما تشاد تختلف لأنها بها نظام متجذر وأكثر صرامة وقوة”.

ويرى الخبير أن “المهمة الروسية في تشاد صعبة”، لافتا إلى أن الدول المحيطة بالمثلث الساحلي لا تزال في المعسكر الغربي.

وأوضح أنه إذا “استطاعت روسيا أن تكسب غينيا فستشكل خطا مستقيما بين الدول الأربعة، وتكتسب منفذا على (المحيط) الأطلسي، علاوة على أراض شاسعة مليئة بالخيرات، وهو مكسب قوي وضربة لخصومها الغربيين”.

وأعرب إمباتي عن اعتقاده بأن روسيا تبحث عن مستعمرات جديدة للحصول على الموارد من القارة من الذهب واليورانيوم والفوسفات والنفط وغيرها، وهذا سيساعدها في تخفيف تداعيات الحرب على أوكرانيا.

التعاون العسكري

وخلال زيارته لغينيا كوناكري التي تعتبر الأولى له منذ عام 2013، ناقش لافروف التعاون العسكري بين موسكو وكوناكري.

وقال الوزير الروسي خلال مؤتمر صحفي: “لم ننس التعاون العسكري التقني وتعزيز قدرات غينيا الدفاعية، مع الأخذ في الاعتبار التهديد الإرهابي المتزايد”.

وقبل محادثاته المغلقة مع نظيره الغيني، أدلى لافروف بتصريح هنأ فيه الدولة الواقعة في غرب أفريقيا وزعيمها، قائد المجلس العسكري مامادي دومبويا الذي وصل إلى السلطة بعد انقلاب عام 2021، لكونها في طليعة عملية إنهاء الاستعمار، بحسب مقطع فيديو نُشر على موقع الوزارة الروسية.

كما تحدث لافروف في التصريح عن التعاون الاقتصادي، خاصة في مجال التنقيب ومن خلال استثمارات شركة “روسال” أكبر مستثمر روسي في غينيا، وأشاد بالبرامج الاجتماعية لعملاق الألمنيوم الروسي.

NL

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى