تصاعد التوترات في إسرائيل: نقاش حول الفشل في التصدي لهجوم “حماس”
في السابع من أكتوبر الماضي، شهدت إسرائيل هجومًا مفاجئًا من جانب “حماس”، مما أثار تساؤلات حول قدرة الحكومة على التصدي لهذه الهجمات وحماية المواطنين. وتحول هذا الهجوم إلى كرة لهب تهدد بحرق الحكومة، خاصة مع اتهامات الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية، بيني غانتس، لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالفشل في التعامل مع الأزمة.
وطالب غانتس بتشكيل لجنة تحقيق حكومية للتحقيق في الإخفاق الذي وقع في السابع من أكتوبر. وجاءت هذه المطالبات بعد نفي نتنياهو لأي محاولة عن الفشل، ومحاولته إلصاق اللوم بالجيش الإسرائيلي. وتزامن ذلك مع تحذير غانتس لنتنياهو بضرورة تقديم خطة منظمة للحرب بحلول الثامن من يونيو المقبل، وإلا فسيغادر الحكومة.
وعلى الرغم من أن الاستخبارات الإسرائيلية حذرت نتنياهو من تداعيات انقسام المجتمع الإسرائيلي على “نظرة العدو” إلى إسرائيل، إلا أنه قلل من شأن هذه التحذيرات. وبينما يتجه النقاش في إسرائيل نحو مسؤولية الحكومة في التعامل مع التهديدات، تبقى التساؤلات حول قدرة الحكومة على حماية البلاد في وجه التحديات المستمرة.
وكشفت رسالة من الجيش تم نشرها الخميس بموجب قانون حرية نشر المعلومات، عن أن هيئة الاستخبارات بالجيش الإسرائيلي كانت قد نبهت نتنياهو خطّيا 4 مرات في الأشهر التي سبقت هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، من أن “أعداء إسرائيل يتابعون ما يحدث وكأنه مساس باللحمة الجماهيرية وخاصة بالجيش، بسبب الاحتجاجات على خطة التشريعات القضائية”.
وجاء في وثيقة واحدة على الأقل أن إيران وحزب الله وحركة حماس، “ترصد فرصة لعاصفة تامة” حسب تعبير المسؤولِين الاستخباراتيين مُعدِّي الوثيقة.
وبحسب تسريبات إسرائيلية فإن نتنياهو قلل في حينه من هذه التحذيرات، معتبرا إنه “تم ردع حماس ولن تفعل أي شيء”.
ولا يخفى أن نتنياهو الذي رفض تحمل أي مسؤولية عن الإخفاق في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يحاول إلصاق المسؤولية بالجيش الإسرائيلي، الذي لا ينفي أن عليه مسؤولية ولكن ليس هو وحده.
ماذا جاء في رسالة الجيش الإسرائيلي؟
جاء في رسالة الجيش الإسرائيلي أنه “يمكن التأكيد أنه خلال عام 2023، بين شهري مارس/آذار ويوليو/تموز، تم تسليم 4 وثائق تحذيرية مختلفة من قبل شعبة الاستخبارات، والتي توضح كيف أن إسرائيل تتصرف بشكل مختل”.
وأضافت الرسالة “لقد رأى الأعداء بشكل عام الضرر الذي يلحق بوحدة دولة إسرائيل والجيش الإسرائيلي بشكل خاص”.
كيف رد نتنياهو؟
ورد نتنياهو بغضب على هذه الاتهامات وقال مكتبه في بيان تلقت “العين الإخبارية” نسخة منه إن “الادعاء بأن رئيس الوزراء نتنياهو تلقى إنذارا مبكرا من مخابرات الجيش الإسرائيلي بشأن هجوم محتمل من غزة هو عكس الحقيقة”.
وأضاف أنه “لم يكن هناك أي تحذير من أي نوع بشأن نية حماس مهاجمة إسرائيل من غزة فحسب، بل تم تقديم تقييم معاكس تماما”.
بيان مكتب نتنياهو تابع: “تشير إشارتان إلى حماس في 4 وثائق استخباراتية إلى أن حماس لم تكن ترغب في مهاجمة إسرائيل من غزة وأنها تفضل التسوية السلمية”.
وأوضح أنه “يشير المرجع الأول، بتاريخ 19 مارس/آذار 2023، إلى أن استراتيجية حماس هي “ترك غزة في المؤخرة” وتركيز الهجمات ضد إسرائيل من ساحات أخرى”.
وقال: “أوصى المرجع الثاني بتاريخ 31 مايو/أيار 2023 بأن تنضم إسرائيل إلى “اتجاه خفض التصعيد الإقليمي” و”اتخاذ خطوة إلى الأمام نحو تسوية سلمية مع قطاع غزة وسيادة حماس”.
وأضاف: “وقد أيدت جميع الأجهزة الأمنية باستمرار هذه التقييمات القائلة بأن حماس ليست مهتمة بالتصعيد بل بالتسوية مع إسرائيل وأن حماس تم ردعها”.
وأشار مكتب نتنياهو إلى أنه ” فيما يتعلق بالادعاء الذي أثير في الوثائق حول التأثير السلبي على أعدائنا نتيجة عدم التماسك في إسرائيل، فقد حذر رئيس الوزراء نفسه مراراً وتكراراً من هذا الخطر عندما تحدث عن أولئك الذين يرفضون الخدمة في الجيش”.
وقال: “على سبيل المثال، في 17 يوليو/تموز 2023، حذر رئيس الوزراء من أن الجدل الداخلي “يقوض ردعنا ضد أعدائنا الذين قد يميلون إلى التصرف بعدوانية ضدنا”.
وأضاف: “ومع ذلك، كان رئيس الوزراء نتنياهو دقيقاً عندما حذر أعداء إسرائيل من أنه في يوم الحساب “لن يضعف الجدل الداخلي تصميمنا وقوتنا على ضربهم كلما لزم الأمر”.
غانتس ينحاز إلى الجيش ضد نتنياهو
ولكن غانتس، وهو وزير دفاع ورئيس أركان سابق، يميل دوما إلى مساندة الجيش الإسرائيلي حتى لو كان ذلك يعني مواجهة مع نتنياهو.
ودعا غانتس في بيان مكتوب تلقت “العين الإخبارية” نسخة منه وشريط فيديو مسجل إلى تشكيل لجنة تحقيق حكومية في أسرع وقت ممكن.
وقال: “لقد مر ما يقرب من 8 أشهر منذ وقوع أكبر كارثة في البلاد، لا شك أن الفترة والأحداث التي سبقت 7 أكتوبر/تشرين الأول، واستمرار الحملة منذ ذلك الحين، يجب التعلم منها”.
وقال فيما بدا إنه رسالة لنتنياهو: “في هذا الوقت، لم يعد يكفي أن نتحمل مسؤولية ما حدث، بل يجب أن نتحمل المسؤولية ونتحرك حتى لا يتكرر الأمر مرة أخرى، والطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي من خلال لجنة تحقيق حكومية ينبغي تشكيلها في أسرع وقت ممكن”.
وأضاف غانتس: “أعتزم أن أقدم قريبا مقترحا لاتخاذ قرار، حتى تتمكن اللجنة من تنظيم نفسها لبدء العمل في الموعد الذي سيتم الاتفاق عليه”.
واعتبر أن “هذا هو الإجراء الصحيح لاستمرار عمل الدولة، وسيساعدنا أيضًا في مواجهة التحديات القانونية الدولية التي تواجهنا”.
مهاجمة نتنياهو في جلسة للكنيست
وأبعد من ذلك فقد هاجم غانتس، الخميس، نتنياهو من على منصة الكنيست، ووصفه بأنه “أسير وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش”.
ويهدد بن غفير وسموتريتش نتنياهو بالانسحاب من الحكومة حال وقف الحرب في غزة، ما يعني انهيارها، وهو ما يخشاه نتنياهو.
وقال موجها كلامه لنتنياهو: “أولوياتكم مشوشة تماما.. منذ نصف عام وأنتم منشغلون بالانقلاب بسبب أهواء شركائكم المتطرفين، بدلا من تحصين أمننا في مواجهة التحديات الكبيرة”.
وأظهر استطلاع للرأي العام في إسرائيل أجرته هيئة البث الإسرائيلية أن 34% من الإسرائيليين يريدون من غانتس وشريكه غادي آيزنكوت مغادرة الحكومة فورا و18% يريدون منه مغادرتها في الأسابيع القادمة و28% فقط قالوا إنهم لا يريدون لهما مغادرة الحكومة و20% لم يملكوا إجابة محددة.
وبات المتظاهرون في تل أبيب وغيرها من المدن الإسرائيلية يطالبون غانتس وآيزنكوت بمغادرة الحكومة.
كما وجه زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد الدعوات المتكررة لهما لمغادرة الحكومة.
لماذا يرفض نتنياهو تشكيل لجنة تحقيق؟
ويرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو تشكيل لجنة تحقيق ويصر على تأجيل الأمر إلى ما بعد انتهاء الحرب.
ويقول مراقبون إسرائيليون إن نتنياهو يأمل بتحقيق إنجاز يخفف من وطأة الإخفاق الذي حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ولكن بعد مرور أكثر من 7 أشهر على الحرب دون تحقيق أي إنجازات فإن نتنياهو يخشى أن تكون نتائج التحقيق هي إنهاء حياته السياسية.
هل تسقط الحكومة بمغادرة غانتس؟
وسوف لن تؤدي مغادرة غانتس وحزبه للحكومة إلى سقوطها، إذ أنه قبل انضمام غانتس إلى حكومة الطوارئ فإن لديها 64 صوتا من أعضاء الكنيست الـ 120.
ويخشى نتنياهو مغادرة سموتريتش وبن غفير للحكومة لأن مغادرتهما ستعني حتما سقوط الحكومة.