سياسة
أخر الأخبار

مقتل عبدالله البليلي: قصة غامضة تهز الرأي العام في اليمن

لأكثر من أسبوع، ترددت قصة طالب العلوم السياسية بصنعاء، عبدالله البليلي، في أروقة الحديث في اليمن، إذ ألقى الضوء عليها الرأي العام، لاسيما بعد تعرضه لملاحقة من قبل قادة الحوثيين.

في سياق الأحداث، غادر البليلي (29 عامًا) صنعاء، التي تسيطر عليها الحوثيون، واتجه نحو مدينة مأرب، التي تسيطر عليها الإخوان المسلمون، وهناك توارت أخباره لعدة أيام، قبل أن يتم العثور على جثته في ظروف غامضة.

عبر حسابه على “فيسبوك”، نشر عبدالله معلومات حول رحلته إلى مأرب، وطلب من أصدقائه تتبع موقعه عبر تطبيق “GPS”، ما يشير إلى قلقه من مصيره وتوقعه للاعتداء عليه أو اختطافه.

وعلى الرغم من الكثير من التكهنات والروايات المتعددة حول وفاته، فإن البيان الصادر عن شرطة مأرب في وقت لاحق كشف عن نهاية مأساوية لحياة البليلي، إذ أكدت الشرطة أنه أنهى حياته داخل أحد المعتقلات.

وحسب البيان الذي أصدرته شرطة مدينة مأرب، فإن البليلي تم اعتقاله بعد الاشتباه به وتصرفاته المريبة، قبل أن ينتهي به المطاف في المعتقل، حيث وجدت جثته هناك.

تبقى قصة مقتل عبدالله البليلي غامضة ومحورًا للجدل في اليمن، مما يجسد مدى التوترات والانقسامات السياسية والأمنية التي تعصف بالبلاد.

عبدالله البليلي

في أحد منشورته، توقع الشاب أن يُقتل أو يُختطف على أقل تقدير وقدم بلاغ للنائب العام في الجمهورية، محملا المسؤولية الكاملة لمليشيات الحوثي، ممثلة بالقيادي النافذ محمد علي الحوثي ورئيس الاستخبارات العسكرية للمليشيات أبو علي الحاكم، إلى جانب عدد من أقاربه المنخرطين مع الانقلابيين.

ووصف الكثير من زملائه في الدراسة وأفراد من أسرته، عبدالله بـ”الشخصية المثابرة والطموحة”، وأكدوا أن الشاب كان على خلاف عائلي مع أخواله حول قضية ميراث وتعرض على إثره لتهديدات وملاحقة أمنية، بحكم موقع أخواله لدى مليشيات الحوثي، وهو ما دفعه لخوض مغامرة السفر إلى مأرب على أمل الهجرة إلى خارج اليمن.

ورفضت أسرة عبدالله طلبات متكررة، للتعليق عن ظروف مقتله خصوصا بعد أن ضجت وسائل الإعلام المحلية ومواقع للتواصل الاجتماعي بأنه تم العثور على الشاب مقتولًا في الطريق بين محافظتي الجوف ومأرب.

كيف قتل عبدالله؟

في 12 مايو/أيار الجاري، دفن جثمان عبدالله وظلت قصته غامضة، قبل أن تكشف شرطة مأرب الخاضعة للإخوان في بيان صدر في وقت متأخر أمس الخميس، أن الشاب أنهى حياته في أحد المعتقلات وهو ما شكل صدمة للرأي العام.

البيان الذي يعد اعترافا دامغا بمدى الانتهاكات الإخوانية بحق المسافرين، أقر بتعرض عبدالله خالد عبدالله البليلي، للاعتقال من قبل حاجز أمني على مدخل مدينة مأرب “بعد الاشتباه به وقيامه بتصرفات مريبه، وإجابات متناقضة ومضطربة على أسئلة أحد أفراد الأمن”، بحسب قولهم.

وتابع البيان “نقل البليلي إلى قسم شرطة الروضة في المنطقة الأمنية الثانية في مأرب لاتخاذ الإجراءات القانونية، وتناول هناك وجبة العشاء مع رفاقه الموقوفين”.

عبدالله البليلي

ومضى البيان قائلا “في صباح اليوم التالي الأربعاء 8 مايو/ أيار تناول البليلي مع الموقوفين وجبة الإفطار وبعدها ظل كثير التردد على دورة المياه التابعة لغرفة الحجز بحسب إفادات الموقوفين، وكان يقول بأنه يعاني من مغص معوي شديد”.

موضحا: “عقب ذلك، توجه أحد الموقوفين إلى دورة المياه، ووجد عبدالله معلقاً وقد وثق نفسه ببنطاله إلى نافذة غرفة الحجز ولفه حول رقبته، وحينها قام الموقوفين بإبلاغ الحارس”.

وأشارت الشرطة إلى أنه “تم على الفور إبلاغ النيابة العامة بالحادثة، ووصل فريقها، وقام بالتحقيق مع الموقوفين وضابط القسم والحارس، ومن ثم وصل قسم الأدلة الجنائية لتوثيق الحادثة”.

البيان ذكر أيضا، أنه “بعد أن تم استكمال الإجراءات القانونية وتوثيق الحادثة، تم نقل الجثة إلى ثلاجة المستشفى العسكري، وتم التواصل مع أسرته وأقاربه ونزلت أسرته إلى المحافظة وطلبوا نقل الجثمان لدفنه في مثواه الأخير”.

ورغم أن بيان السلطات الإخوانية حاول إظهار عبدالله وكأنه كان يعني من اضطراب نفسي عند الاشتباه به، إلا أن عددا من أقرباءه وزملائه نفوا ذلك، وأكدوا أنه لم يعان من أمراض نفسية وأنه كان يشكو من الضغط والتهابات القولون كأبرز مشاكله الصحية.

عبدالله المولود عام 199٥، درس في كلية الطيران بصنعاء، وتخرج منها بدرجة امتياز، ثم التحق للدراسة بقسم العلوم السياسية بكلية التجارة والاقتصاد بجامعة صنعاء، وتخرج منها عام 2019/2020.

وتلاشت أحلام البليلي تحت وطأة التهديدات الحوثية التي دفعته للهروب على أمل النجاة من قبضة أمنية مشددة. وعند النجاة من المليشيات، اصطدم بواقع إخواني ينتهك حق المسافرين ما أجبره على إنهاء حياته – بحسب الرواية الإخوانية – ولتبقى قصة رحلة موته الأخيرة شاهدة على جرم مشترك.

NL

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى