سياسة
أخر الأخبار

ليبيا تكافح من أجل الاستقرار في ظل فوضى المليشيات المسلحة

بينما تسعى ليبيا للتعافي من سنوات الاضطراب، تواجه تحديات كبيرة تتمثل في سيطرة المليشيات المسلحة على مناطق واسعة، مما يعوق تقدم البلاد نحو الاستقرار المنشود داخليًا ودوليًا. هذه المليشيات لا تزال تتسبب في اشتباكات مستمرة، مما يبرز الحاجة الملحة لتوحيد البلاد تحت حكومة قادرة على تنظيم الانتخابات المؤجلة.

ماذا حدث مؤخرًا؟

وفقًا لمصادر إعلامية ليبية، اندلعت اشتباكات عنيفة في الساعات الأولى من صباح السبت في مدينة الزاوية غربي ليبيا. الاشتباكات شملت تبادلًا لإطلاق النار بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين مليشيات تابعة لآمر قوة الإسناد الأولى، محمد بحرون الملقب بـ”الفار”، وأخرى تتبع نائب رئيس جهاز دعم الاستقرار، حسن بوزريبة.

التوترات اندلعت إثر اعتقال متورطين في مقتل الشاب البوراوي حليلة، ما دفع بعض الأطراف المحلية للتدخل لتهدئة الوضع وإجلاء المدنيين العالقين في مناطق الاشتباكات.

جهود الوساطة والآثار

عضو مجلس حكماء وأعيان الزاوية، حسين المغربي، أكد على التواصل مع الأطراف المتنازعة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن المفاوضات لا تزال جارية لحل القضايا العالقة بين المليشيات.

من جانبه، صرح المتحدث باسم جهاز الإسعاف والطوارئ، أسامة علي، أن الاشتباكات أسفرت عن وفاة شخص وإصابة ستة آخرين. كما أعلن الهلال الأحمر الليبي عن إجلاء بعض العائلات العالقة في مناطق النزاع، داعيًا لتقديم الدعم وتسهيل مهام المتطوعين في فتح ممرات آمنة.

ردود الفعل والإجراءات الحكومية

الهلال الأحمر الليبي طالب عبر صفحته على “فيسبوك” الجميع بالمساعدة في جهود الإجلاء. من جهتها، دعت وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية الأجهزة الصحية والمراكز الطبية في الزاوية إلى تقديم تقارير حول الوضع الصحي واتخاذ الإجراءات اللازمة لإخلاء المواطنين العالقين.

مليشيات مسلحة في ليبيا - أرشيفية

بدوره، قال عضو مجلس حكماء وأعيان الزاوية حسين المغربي، إنه جرى التواصل مع الأطراف المتنازعة والاتفاق على وقف إطلاق النار، مؤكدًا أن المشاورات لازالت مستمرة لحل المسائل العالقة بين المليشيات المتناحرة.

وحول آثار الاشتباكات، قال المتحدث باسم جهاز الاسعاف والطوارئ أسامة علي، إن الجهاز تلقى بلاغات عن وفاة شخص وإصابة 6 آخرين حتى الآن جراء الاشتباكات المتواصلة بمدينة الزاوية، فيما أعلن الهلال الأحمر الليبي فرع الزاوية إخراج بعض العائلات العالقة في مناطق الاشتباكات التي تشهدها المدينة.

مليشيات مسلحة في ليبيا - أرشيفية

وطالب الهلال الأحمر الليبي في بيان عبر صفحته الرسمية بـ«فيسبوك»، الجميع بتقديم يد العون وتسهيل مهام عمل المتطوعين في فتح ممرات آمنة لخروج العالقين، فيما طالبت وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية إدارة الطوارئ الصحية والأجهزة التابعة للوزارة، والمراكز الطبية بالزاوية، وجهازي الإسعاف، وطب الطوارئ بتقديم تقارير حول مستجدات الأوضاع الصحية بمناطق الاشتباكات، واتخاذ الإجراءات اللازمة واتباع خطط الطوارئ، وتنفيذ عمليات إخلاء المواطنين العالقين، استجابة للأوضاع في مدينة الزاوية.

فماذا تعني تلك الاشتباكات المستمرة بين المليشيات لمستقبل ليبيا؟

يقول المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن هذا المشهد المتكرر بين المليشيات المسلحة يرسل باستمرار إشارات بانعدام الاستقرار في المدن والمناطق في غرب البلاد.

وأوضح المحلل الليبي، أن ذلك المشهد الذي وصفه بـ«المأساوي»، يضع الكثير من التساؤلات على حالة الاستقرار التي غابت عن الدولة منذ سنوات، مشيرًا إلى أن «وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، لا تستطيع السيطرة على المجموعات المسلحة وقادتها ولا حتى منتسبي هذه الجماعات الذين لا ينصاعون لأوامر أحد ولا يأتمرون إلا بأوامر الرصاص والقتل والانتقام»، على حد قوله.

وأشار إلى أن هذه الاشتباكات تعني أنه يجب توحيد السلطة التنفيذية، إذا ما أريد بليبيا أن تذهب نحو الاستقرار، «لكن ما تفرضه هذه الاشتباكات هو حتمية وضع خطة شاملة لمحاولة دمج هؤلاء في المؤسسات، وإخضاعهم لتهيئة نفسية؛ أولا».

مليشيات مسلحة في ليبيا - أرشيفية

الأمر نفسه، أشار إليه المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، الذي قال في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن اشتباكات الزاوية وغلق معبر رأس أجدير الرابط بين ليبيا وتونس ما هي إلا أعراض ستتكرر في العاصمة وكل مدن الغرب الليبي، متهمًا دولا غربية بالوقوف وراءها، لـ«إبقاء ليبيا دولة فاشلة».

وتوقع المحلل الليبي، أنه لن يكون هناك استقرار في ليبيا، بوجود تلك المليشيات المسلحة، «التي لا يمكن تحييدها، في ظل دعم محلي ودولي لهم».

وحول إمكانية إجراء انتخابات في ظل تواجد تلك العناصر المسلحة، قال المحلل الليبي، إن ليبيا لن ترى أي انتخابات في وجود قوّي دولية لا تريد ذلك، محاولة الاعتماد على تلك المليشيات المسلحة لتحقيق مآربها.

وأكد أن «بوابة توحيد ليبيا تمر عبر قطع دابر أورام المليشيات، التي لن ينفع معها إلا مشرط الجراح، إلا أن هذا الأمر يحتاج إلى حركة عصيان مدني واسعة في كل مناطق البلاد، تجبر القوى الدولية على عدم التدخل، وتضع ليبيا على سكة الحياة وإعادة الاعتبار لسيادتها، وخياراتها الديمقراطية».

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى