سياسة
أخر الأخبار

تكتيكات جديدة للتجنيد: الحوثيون يستغلون الأزمة في غزة للتوسّع في المناطق المحررة باليمن

تشكل الأوضاع القاسية في قطاع غزة نتيجة للحروب والصراعات بيئة مثالية لمليشيات الحوثي للتغلغل في اليمن، والتي توظف أساليب جديدة في التجنيد لتحقيق أهدافها. بعكس الحملات التقليدية التي تستهدف جذب الشباب للمشاركة في القتال، اعتمدت المليشيات مؤخرًا استراتيجيات أكثر تعقيدًا تتضمن استقطاب عناصر لأغراض غير قتالية.

تركزت مساعي التجنيد هذه على المناطق التي تتمتع بمواقع استراتيجية في اليمن، وتعيش ظروفًا صعبة، مما يجعلها أرضية خصبة للتمدد الحوثي. وفي إطار هذه الاستراتيجية، استهدفت المليشيات مناطق مثل الحجرية والصبيحة، حيث جرى استقطاب عناصر لتنفيذ مهام غير قتالية في المقام الأول.

في سياق آخر، اعتمدت المليشيات الحوثية على استغلال القضية الفلسطينية في تنفيذ مخططاتها. تم استقطاب عناصر من مناطق نفوذ الشرعية للمشاركة في تظاهرات تحمل شعارات داعمة لفلسطين ولكن في الواقع تخدم أجندة الحوثيين.

تعتمد هذه الاستراتيجيات على تكوين قاعدة داخلية قبل الشروع في الأعمال القتالية، وتشكل تهديدًا للأمن والاستقرار في المناطق المحررة من سيطرة المليشيات. بالإضافة إلى ذلك، يقوم الحوثيون بترويج أفكارهم الفكرية والطائفية من خلال دورات ثقافية يتم تنظيمها للمجندين المحتملين.

تستغل مليشيات الحوثي أيضًا الظروف الاقتصادية الصعبة والفجوة الأمنية في المناطق المحررة من سيطرتها لتنفيذ أجندتها التخريبية. هذه التحركات تهدف إلى زعزعة الاستقرار والتماسك الاجتماعي والنفسي في المناطق المحررة، وتمهيد الطريق لتوسيع نفوذ المليشيات.

يرى الخبراء أن هذه الاستراتيجيات تمثل تهديدًا خطيرًا للأمن القومي في اليمن، حيث تستهدف مليشيات الحوثي بشكل مباشر النسيج الاجتماعي والتقارب الوطني، وتهدف إلى زرع الفتنة والفوضى في البلاد.

مؤامرة مدروسة

وقدمت خلية حوثية ضُبطت مؤخرا، اعترافات عن تركيز مليشيات الحوثي للتغلغل في مناطق الحجرية والصبيحة والوازعية وهي مناطق تتمتع بمواقع استراتيجية مطلة على باب المندب ويعيش سكانهما ظروفا صعبة والذي تعد بمثابة أرضية اجتماعية خصبة للتمدد الحوثي.

وقال أحمد بن أحمد عبدالغني مرشد، وهو عضو في خلية ضبطتها مؤخرا السلطات اليمنية، ويعمل إخصائي اجتماعي في إحدى المدارس التعليمية إنه “تم استقطابه بغطاء نصرة غزة عبر دعوة وجهت إلينا لتأييد ومباركة الهجمات البحرية الحوثية ضد سفن الشحن”.

ورغم اعتناقه المذهب الصوفي، إلا أن مليشيات الحوثي استطاعت التغرير بمرشد، وأخضعته مع العشرات آخرين لمدة أيام لدورات ثقافية طائفية كانت أبرزها “نصرة الله للمظلومين وأهمية الإخلاص في العمل، واقتراب تحرير فلسطين والذي لن يختلف عن اجتياح مليشيات الحوثي لصنعاء”، وفق اعترافاته التي وصلت “العين الإخبارية” نسخة منها.

وأقر عضو الخلية المضبوطة أن “مليشيات الحوثي سلمت العناصر التي تم استقطابها من مناطق الحكومة اليمنية كتيبات للترويج لمشروعها في المناطق المحررة على أن تقوم في بادئ الأمر بأعمال غير قتالية تمهد للتمدد الحوثي”.

استغلال للقضية الفلسطينية

وتعليقا على ذلك، أكد قائد اللواء 35 مدرع بالجيش اليمني العميد ركن عبدالرحمن الشمساني “استغلال مليشيات الحوثي للقضية الفلسطينية في تنفيذ مؤامرة خبيثة وخطيرة، لضرب التماسك الاجتماعي، وزعزعة السلم الأهلي في المناطق المحررة، وهي مؤامرة مدروسة بعناية ومخطط لها بإحكام ورصد لها الحوثيون أموالا كبيرة وتحظى برعاية كبيرة من قيادتهم”.

ولم يغفل المسؤول اليمني استغلال مليشيات الحوثي للأوضاع الاقتصادية الصعبة والتي تجعل البعض يسقط أمام المغريات، مشيرا إلى أن “التحركات الحوثية الأخيرة وجهت لنسف السلم الأهلي والاجتماعي، وتسعى لنقل المعارك من جبهات القتال إلى وسط المجتمع في المناطق المحررة”.

وقال “استغلت مليشيات الحوثي أيضا التهدئة القائمة، لتمرير مخططاتها لضرب الشرعية من الداخل وزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحررة عبر توجيه جزء كبير من مخصصاتها لدعم الجبهات إلى تمويل الأنشطة التخريبية”.

ضرب النسيج الاجتماعي والتقارب اليمني

من جهته، قال الضابط في الجيش اليمني أحمد شمسان إن الخلايا المضبوطة استهدفت “نشر ثقافة المليشيات وفكرها الهدام، وإثارة الفوضى بالتحريض، وكذا منع التقارب التي تقوده قوات المقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح من أجل الترتيب لمعركة تحرير محافظات شمال اليمن”.

وكشف شمسان، في تصريح لـ”العين الإخبارية”، عن “تفكيك خلايا حوثية بينها عناصر لازالت تحت المراقبة والمتابعة منهم أعيان ووجهاء، حيث جندت مليشيات الحوثي أكثر من 600 شخص ودربتهم ووجهتهم لزيارة مقابر قتلى المليشيات في صعدة بما في ذلك ضريح مؤسس الجماعة حسين الحوثي”.

وأكد أن من تم ضبطهم أقروا “بزيارة الورشة الفنية لصناعة الأسلحة والذخائر في صعدة وتم تكليفهم في مهام عديدة، أهمها أداء شعار الصرخة في المناطق المحررة وتنفيذ تظاهرات تحت مسمى نصرة غزة وتحرير الأقصى ونشر الفكر الشيعي على أن تتولى قيادات الحوثي مسؤولية تقديم الدعم الكافي وكل ما يطلبه هؤلاء المغرر بهم”.

وتكمن خطورة الأنشطة الحوثية الأخيرة في “محاولة إحداث شرخ وتقطيع النسيج الاجتماعي على مستوى المناطق المحررة، حيث لجأت المليشيات بعد عجزها عن اجتياح مناطق الشرعية بمختلف أنواع أسلحتها، إلى استهداف النسيج الاجتماعي عبر تجنيد خلايا ذات مهام عديدة في محاولة لكسب حواضن شعبية خارج سيطرتها”، وفقا للمسؤول اليمني.

وأشار إلى أن مليشيات الحوثي عمدت مؤخرا لتكتيك استقطاب أبناء المناطق المحررة لزيارة صعدة بغطاء نصرة غزة، بهدف التعارف وتكوين قاعدة بيانات كاملة عن المناطق المستهدفة التابعة للشرعية، فضلا عن تغيير الصورة الذهنية المرسومة لدى الناس عن صعدة بوصفها معقل الانقلاب.

ولفت إلى أن “مليشيات الحوثي أسندت للخلايا القيام بأعمال تخريبية في المناطق المحررة، والعمل كخلايا نائمة بعد أن حددت أدوار الشخصيات فيها منها القيام بمشرف ثقافي ومشرف أمني ومشرف عسكري على مستوى كل مربع وحارة وقرية بهدف ضرب عمق الجبهة الداخلية للشرعية”.

وأكد شمسان “عدم التهاون في الإخلال بالأمن والاستقرار في مناطق نفوذ الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وأن الجميع في الجبهات في حالة يقظة تامة ولن تتمكن المليشيات بنقل معاركها من الجبهات لقلب المجتمعات”.

وكانت تقارير دولية اتهمت الحوثيين باستغلال الحرب على غزة والضربات الأمريكية على مواقعهم، لتجنيد الأطفال، بمزاعم القتال في فلسطين، بينما يقومون بإرسالهم إلى خطوط التماس مع قوات المجلس الرئاسي في مأرب وتعز وجنوب اليمن.

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى