سياسة
أخر الأخبار

انتخابات موريتانيا.. كيف انتجت تناقضات مميزة ومسار ديمقراطي «منقوص»

تحولات الديمقراطية في موريتانيا: رحلة الانتقال نحو المستقبل

يعتبر تاريخ الديمقراطية في موريتانيا أحد القصص المعقدة والمثيرة في القارة الأفريقية، حيث شهدت البلاد سلسلة من التغيرات السياسية والاجتماعية عبر السنوات. تاريخها المعقد يتجلى بوضوح في مسار الانتخابات الرئاسية، والتي شهدت في العام 2019 بعضًا من أبرز التحولات التي تستحق النظر.

تحولات العام 2019:

في عام 2019، شهدت موريتانيا تحولات ملحوظة في عملية الانتخابات الرئاسية، والتي أثارت تساؤلات كثيرة حول مستقبل البلاد السياسي. من بين هذه التحولات:

  1. انتقال سلمي للسلطة: لقد كان انتقال السلطة في موريتانيا بمثابة إنجاز هام، خاصة مع التاريخ السابق للانقلابات العسكرية والتحولات غير الديمقراطية. الانتقال السلمي للسلطة يعكس إرادة الشعب في تحقيق تغيير حقيقي من خلال آليات ديمقراطية.
  2. زيادة في نسب المشاركة: شهدت الانتخابات الرئاسية في 2019 زيادة ملحوظة في نسب المشاركة، مما يعكس تفاعلًا إيجابيًا من قبل الشعب الموريتاني في العملية السياسية. هذا الارتفاع يمكن أن يُنظر إليه على أنه علامة على الوعي السياسي المتزايد والرغبة في المشاركة الفعالة.
  3. دور النساء: لقد شهدت الانتخابات الرئاسية في موريتانيا زيادة في مشاركة النساء، وهو تطور إيجابي يعكس التحول التدريجي نحو المساواة بين الجنسين في المشهد السياسي. تعزيز دور النساء في الحياة السياسية يُعتبر خطوة مهمة نحو بناء مجتمع أكثر توازنًا وتنمية مستدامة.
  4. تنوع المرشحين: كانت الانتخابات ميدانًا لتنوع خلفيات المرشحين، مما يعكس تطورًا في الديمقراطية والتنوع في الرؤى السياسية والبرامج المقدمة للناخبين. هذا التنوع يساهم في إثراء الحوار الديمقراطي وتوسيع آفاق الديمقراطية في المجتمع.
  5. التحديث التقني: شهدت العملية الانتخابية استخدامًا متزايدًا للتكنولوجيا والابتكارات الرقمية، مما ساهم في تعزيز الشفافية وتقليل فرص التزوير. استخدام التكنولوجيا في العملية الانتخابية يُعد خطوة إيجابية نحو تحقيق عملية انتخابية نزيهة وشفافة.

تحديات وآفاق المستقبل:

على الرغم من هذه التحولات الإيجابية، إلا أن موريتانيا تواجه تحديات متعددة في طريقها نحو تعزيز الديمقراطية والاستقرار السياسي. يتعين على القادة السياسيين والمجتمع المدني والمؤسسات الدولية العمل سويًا لتجاوز هذه التحديات وتحقيق الأهداف المشتركة.

من بين هذه التحديات:

  • تعزيز ثقافة الديمقراطية: يتطلب تعزيز الديمقراطية في موريتانيا ترسيخ ثقافة ديمقراطية قوية تشمل جميع شرائح المجتمع، وتعزيز قيم الحوار والتسامح واحترام حقوق الإنسان.
  • تعزيز المشاركة الشعبية: يجب تشجيع المشاركة الفعّالة للمواطنين في الحياة السياسية.

إصلاحات شفافة

وحول الحديث عن دخول تقنيات حديثة في الانتخابات الماضية قال الصحفي الموريتاني إن “الإصلاحات التي شهدتها الحالة المدنية والتطور التقني والرقمي ساهم في القضاء على الأساليب القديمة التي كانت تستحدم في التزوير”.

وأضح أن “المواطن لا يستطيع أن يسجل أكثر من مرتين أو أن يسجل في مكتبين مختلفين بسبب الرقم الوطني الموحد، ولم يكن هذا الرقم موجود سابقا، وأتى مع عبد العزيز في 2010”.

وتابع: “منذ ذلك الحين هناك عدة إصلاحات كالفرز الإلكتروني الشفاف سارت تستخدمة لجنة الانتخابات، وهذا أيضا نوع من الشفافية، لافتا إلى أن هناك تطور يلازم العملية الإنتخابية على مستوى الهيئة المشرفة على تنظيم الانتخابات.

نسب المشاركة

وأبان الصحفي الموريتاني أن هناك خطوات من ضمنها التسجيل على اللائحة الانتخابية، وفي الأساس من يسجل على اللائحة الانتخابية معناه أنه على استعداد أن يشارك في الانتخابات.

وأوضح أن “هناك مليون ومائتان وخمسون ألفا تقريبا مسجلون على اللائحة الانتخابية، وأنهم سيشاركون في الاقتراع”، مضيفا: “لكن عندما ينظر لهذا العدد مقارنة بعدد من هم فوق الـ 18 عاما والذين يحق لهم الانتخاب، نجد أن ثلث من يملكون حق التسجيل لم يهتموا أصلا بالتسجيل على اللائحة الإنتخابية”.

وأوضح أن “نسبة المشاركة العالية تأتي للذين سجلوا على اللائحة، وليس للذين لهم حق الانتخاب، وصحيح النسبة مرتفعة قياسا بعدد الذين سجلوا وهم أصلا لديهم الرغبة طالما قاموا بالتسجيل، ولكن هذا لا يعني أن النسبة عالية”.

دور النساء

وعن دور النساء في الانتخابات قال هذا مرتبط بالتركيبة الديموغرافية للسكان، مضيفا لدينا في الهرم السكاني النساء يشكلن نسبة 52%، وأن النساء غير مرتبطات بالتزامات تمنعهن من الذهاب إلى مراكز الإقتراع، أما الرجال الذين يكدون في أعمالهم لا يبالون بالعملية الإنتخابية..

فالنساء في وضعية تسمح لهن أصلا بالمشاركة، وفي النساء في الانتخابات في موريتانيا يمتهن جمعيات لدعم ناخبيهم، وكل مجموعة من النساء في حي أو قرية يقومن بعمل مبادرة لجمع ناخبين وحشدهم لصالح مرشحهم في مقابل مادي وتعهدات إلى آخره.

وبحسب “امباتي” فإن “طبيعة المجتمع الموريتاني النساء هم أكثر جاهزية لذلك”، موضحا أن “الانتخابات الرئاسية المتوقع انعقادها في نهاية يونيو/حزيران المقبل بها تحسينات على المستوى التقني، تعهدت بها اللجنة المستقلة للانتخابات على المنصة الرقمية التي تمكن من الاطلاع على النتائج، وأنها هي عملية تساعد على الشفافية”.

ولفت إلى أن “الضغط على الحزب الحاكم في هذه الانتخابات أخف من المرات السابقة، لأن أكبر المترشحين في مواجهته هو بيرم عبيدي، ويواجه أيضا مرشح الإخوان في حزب تواصل ومرشح آخر، ويتوقع أن يقوموا بتشتيت قواعدهم الجماهيرية”.

وأضاف أن “هذا يمكن أن يكون دبره سياسيو الحزب الحاكم أنفسهم من أجل تسهيل فوز مرشحهم في الشوط الأول”.

وبين أن “المرشحين يمثلون عدة قوميات مختلفة في البلاد، ولم يعتبر ذلك ميزة في التنوع، ورأى ذلك من زاوية تشتيت القاعدة الجماهيرية التقليدية، وقال بطبيعة الموريتانيين أكثرهم انتماءا للقبيلة والعرق من الإنتماء إلى الأفكار الحزبية.

نسب متفاوتة

أما الناشط السياسي الموريتاني أحمدنا سيد أحمد فقد رأى من جهته أن المفارقات الخمس التي اعتبرها الخبراء ميزات في المشهد الانتخابي السابق قد تكون حصلت بنسب متفاوتة.

وقال أحمد لـ”العين الإخبارية”، إن “الذي يختلف في هذه الانتخابات عن سابقتها هو الظروف السياسية المتمايزة، والتحديات الاقتصادية للبلاد، وكذلك الهاجس الأمني في منطقة الساحل خصوصا مع الجارة مالي”.

بالإضافة إلى “الهجرة التي استنزفت القوى الحية في البلاد ، وما تطرحه الهجرة المعاكسة من تحديات على المجتمع والدولة”.

وأعرب عن اعتقاده بأن “الانتخابات الحالية قد تشوبها نواقص، مضيفا خصوصا أن العديد من المرشحين تم رفضهم، وكذلك دخول الرئيس السابق ولد عبد العزيز على الخط من جديد قد يخلط الأوراق، ويؤثر على الحسابات السياسية لصانع القرار في البلاد.

ولفت إلى أنه “قد لا تختلف نسبة المشاركة لأهمية الظرف الذي تمر به البلاد على أصعدة عدة”، وقال إن “النتائج ستكون محل تمحيص خاص من طرف مناوئي النظام، وقد يكون ذلك أكثر حدة هذه المرة، لا سيما في حالة لم تعكس النتائج الوقائع المشاهدة وحجم التاييد لهذا الطرف أو ذاك.

تحول كبير

واتفق الصحفي الموريتاني الشيخ المهدي النجاشي على أن الاستحقاقات الرئاسية في 2019 شهدت تناوبا سلميا على السلطة لأول مرة في تاريخ موريتانيا، رئيس يأتي للسلطة وآخر يغادر من القصر الرئاسي لمنزله”.

وأكد أن ذلك كان تحولا كبيرا في المسار الديمقراطي بالبلاد وأنه كان مكسبا للديمقراطيين في موريتانيا.

وأشار إلى أن “الانتخابات السابقة شهدت الكثير من النقاط الإيجابية، وأنها عززت المسار الديمقراطي وقوت المنظومة الانتخابية”، موضحا أن الإنتخابات الحالية تشهد هي الأخرى تحسينات كبيرة خصوصا في الجانب الإنتخابي، على طريقة الآلية الجديدة “ماي سيني” وهي لضبط عملية التصويت من طرف اللجنة المستقلة للإنتخابات”.

وقال إنها” شهدت إلى حد الساعة تنوعا كبيرا في المترشحين من الناحية الثقافية والخلفيات الأيدلوجية وحتى الإثنية”.

مضيفا ستكون انتخابات مهمة هي الأخرى في تاريخ موريتانيا، وأنها تمثل هي الأخرى تحولا في المسار الموريتاني، نظرا لأنها ستكون فاصلة، وتابع أنها تأتي في سياق موريتانيا ما بعد الغاز، وماقبل الغاز.

واعتبر أنه تحول ديمقراطي انتخابي وسياسي، يأتي في سياق نقلة اقتصادية ستشهدها البلاد مع نهاية 2024، قال إنها استحقاقات مهمة، وإلى الآن تبدو ملامحها قوية ومنافسة كبيرة، وسط أجواء بدأت تخرج للعلن وبصورة ترسم ملامح موريتانيا المستقبلية.

غياب مرشحة من النساء

وتوقع الصحفي الموريتاني الحسن المهدي أن تشهد الانتخابات الرئاسية القادمة مشاركة مرتفعة. وقال المهدي لـ ” العين الإخبارية” على الرغم من أن الانتخابات هذه المرة محسومة مسبقاً لصالح الرئيس الحالي.

وأضاف: “كما تشهد غياب مرشحة لمنصب الرئاسة من شريحة النساء”، وتابع لا يمكن الحديث عن ميزات جديدة للانتخابات المقبلة المزمع عقدها في التاسع والعشرين من الشهر المقبل إلا بعد أن تبدأ الحملة الإنتخابية في الرابع عشر من يونيو/حزيران المقبل.

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى