ربما لا يشعر الأمريكي بقيمته كمواطن أقوى دولة في العالم إلا عندما يكون بالخارج.
ربما تعوضه هذه القيمة التي يكتسبها بالخارج -عن وجوده داخل وطنه نفسه؛ حيث يئن ويعاني بسبب الأزمات الاقتصادية والديون التي تنال بالفعل من إنسانية من يتحملها على سبيل المجاز.
وتحدث تقرير لـ”بيزنس إنسايدر” عن الهجرة المتزايدة للمواطنين الأمريكيين إلى خارج بلادهم. وقال إن وزارة الخارجية الأمريكية قدرت أن 9 ملايين مواطن أمريكي يعيشون في الخارج منذ عام 2020، وهو ما يمثل قفزة من 5 ملايين في عام 2010.
ووفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة التي أجرتها مؤسسة غالوب، يقول ما يصل إلى 15% من الأمريكيين إنهم يريدون مغادرة البلاد بشكل دائم، ويقول عدد أكبر منهم إنهم سيفكرون في الهجرة في ظل الظروف المناسبة.
أين يذهب الأمريكيون؟
وفي ديسمبر/كانون الأول عام 2022، قال تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” أنه بعد إعادة انتخاب جورج دبليو بوش عام 2004، وانتخاب جو بايدن عام 2020، وانتخاب دونالد ترامب عام 2016، ارتفع اهتمام الأمريكي على محرك البحث Google بالانتقال إلى كندا. حدث ذلك مرة أخرى في يونيو/حزيران، بعد أن ألغت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الحكم التاريخي المتعلق بحقوق الإجهاض “قضية رو ضد وايد”.
وفي حين أن الولايات المتحدة هي الوجهة الأولى للمهاجرين في جميع أنحاء العالم، حيث تستضيف حوالي ثلاثة أضعاف عدد المهاجرين الذين تستضيفهم ألمانيا، إلا أنها تحتل المركز السادس والعشرين من حيث إرسال المهاجرين إلى الخارج. ويخلص تحليل بيانات الأمم المتحدة إلى أن أمريكياً واحداً فقط يهاجر مقابل كل ستة هنود أو أربعة مكسيكيين.
وعلى عكس المهاجرين من بلدان أخرى، يذهب الأمريكيون إلى كل مكان. لا توجد دولة أخرى لديها عدد قليل من الأشخاص يتركزون في أفضل 10 وجهات (أو أفضل 25، أو أفضل 50) وجهة، حسبما يظهر تحليل “واشنطن بوست”.
وبعد المكسيك، حيث ينحدر أمريكيون بشكل طبيعي بسبب الهجرة، توجد وجهات رئيسية أخرى مثل -كندا والمملكة المتحدة وألمانيا وإسرائيل وأستراليا وغيرها من الاقتصادات المتقدمة- يصل معظم الأمريكيين عن قصد.
مواطن عالمي
ونقل التقرير عن جويس تشانغ جراي، التي ولدت في العاصمة ونشأت في تكساس وميشيغان، أنها قضت معظم فترة العشرينيات من عمرها تتنقل حول العالم من سنغافورة إلى كينيا إلى الأرجنتين. وهي الآن تقود Alariss Global، وهي منصة تقنية أسستها للتعامل مع التوظيف واللوائح المحلية والمزايا للشركات الأجنبية التي تتطلع إلى توظيف عمال أمريكيين عن بعد بسرعة.
وقالت: “إن الكثير من الأمريكيين لديهم في الواقع تفكير عالمي، وأصبح من الأسهل عليهم التصرف بناءً على هذا الدافع العالمي حيث تسمح التكنولوجيا للناس بعبور الحدود للإقامة المتوسطة والطويلة الأجل، أو ببساطة “العمل عن بعد”.
مزايا بالخارج
والتقت “بيزنس إنسايدر” مع أمريكيين مقيمين بإيطاليا، وقالوا إن الولايات المتحدة لم تعد مكاناً مرغوباً للتقاعد.
لقد عمل الناس حتى سن 65 عامًا، ثم تركوا القوى العاملة بمساعدة الضمان الاجتماعي والمدخرات الشخصية. بدأ هذا التحول في الثمانينيات عندما انجذب الأمريكيون نحو خطط المساهمة المحددة -بدلاً من خطط المزايا المحددة مثل المعاشات التقاعدية. وكتب لاري فينك، الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك، في رسالة إلى المستثمرين عام 2024: “ببساطة، كان التحول من المنفعة المحددة إلى المساهمة المحددة، بالنسبة لمعظم الناس، تحولًا من اليقين المالي إلى عدم اليقين المالي”.
وقد أدى هذا إلى نقل المزيد من المسؤولية إلى الموظفين لتحديد مقدار الاستثمار والادخار.
ووجد استطلاع أجرته رابطة المتقاعدين الأمريكية في أبريل/نيسان أن واحدًا من كل خمسة أمريكيين يبلغون من العمر 50 عامًا أو أكثر ليس لديهم مدخرات تقاعدية، وكان أكثر من نصف المشاركين يشعرون بالقلق من أنهم لن يكون لديهم ما يكفي لدعم أنفسهم إذا تقاعدوا.
لذا، فبينما أصبح التقاعد في الولايات المتحدة أمراً كئيباً، فإن بعض الأمريكيين يتطلعون إلى أماكن أخرى. وعلى وجه التحديد، يتطلعون إلى إيطاليا، التي تصنف من بين أفضل 20 دولة تتمتع بأنظمة التقاعد الأكثر سخاءً.
ومن بين العوامل الأخرى الهامة في قرار الانتقال للخارج، تكلفة الرعاية الصحية في أمريكا، والتي تلعب أيضا دور.
aXA6IDJhMDI6NDc4MDo4OjgxMjowOjNiMGU6NWRlZDoxIA== جزيرة ام اند امز