هل أنهى الذكاء الاصطناعي صلاحية مسمى “العظماء السبعة”؟
“إنفيديا” و”ميتا” تتقدمان عن المجموعة مع تزايد التركيز على الذكاء الاصطناعي
أعطت وعود حفنة من عمالقة التقنية بالنمو السريع دفعة كبيرة لسوق الأوراق المالية على مدى أكثر من عقد. وكلنا يعرف هذه الشركات التي تضم أسماء تتردد على الألسن مثل الفا بت مالكة غوغل وامازون دوت كوم وابل، و”ميتا” الشركة الأم لمنصة “فيسبوك”، وميكروسوفت وتسلا.
كانت أسهم هذه الشركات قد جُمعت في اختصارات تضم الحروف الأولى من أسمائها على غرار (FANG) الذي يضم “فيسبوك” و”أمازون” و”نتفليكس” و”غوغل”، وكذلك (FAANG) الذي تضمن نفس الشركات بالإضافة إلى “أبل”، وأخيراً مؤشر (MAMAA) المؤلف من أسهم “ميتا” و”أمازون” و”مايكروسوفت” و”ألفابت” و”أبل”، وأصبحت أسهم هذه الشركات عنصراً أساسياً في محافظ جميع المستثمرين تقريباً.
ثم انضمت وافدة جديدة إلى هذا الركب في العام الماضي، وهي انفيديا رائدة تصنيع الرقائق اللازمة لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي. وسرعان ما بدأ مستشارو إدارة المحافظ الاستثمارية يتحدثون عن استراتيجية استثمار مبنية على مجموعة جديدة تحت مسمى “العظماء السبعة” بالتزامن مع ارتفاع سهم “إنفيديا” لأكثر من ستة أضعاف منذ بداية 2023.
أهمية الذكاء الاصطناعي
غير أن أداء “العظماء السبعة” تباين هذا العام لتتفوق منه شركتان فقط، فيما توسطت اثنتان أداء المجموعة وتراجعت البقية. لقد تصدرت شركتا “ميتا” و”إنفيديا” المجموعة، فيما كان أداء شركتي “مايكروسوفت” و”أمازون” جيداً إلى حد معقول، وأتت الشركات الثلاث الأخرى متذيلة أداء مؤشر “إس آند بي 500”.
قال كيم فوريست، كبير مسؤولي الاستثمار لدى “بوكيه كابيتال بارتنرز” (Bokeh Capital Partners) لإدارة الاستثمارات إنه “إذا لم يضم نشاط الشركات عنصر الذكاء الاصطناعي، فلن تجذب انتباه المستثمرين في الوقت الحالي، بغض النظر عن مدى جودة أدائها”.
كانت “تسلا”، تكافح لتقدم أدلة واقعية على كونها أحد اللاعبين في مجال الذكاء الاصطناعي حتى فيما واجهت تساؤلات حول سوق السيارات الكهربائية ومخاوف متعلقة بقيادة إيلون ماسك لها، وسجل سهمها أسوأ أداء بين شركات مؤشر “إس آند بي 500” هذا العام، حيث تراجعت قيمته بنحو 30% بحلول 20 مارس. كما أتى أداء “أبل” و”ألفابت” دون أداء السوق الأوسع.
مع ذلك، حققت كلتا الشركتين قفزة كبيرة في 18 مارس، حين سجلت “ألفابت” أفضل يوم لها منذ ديسمبر. فماذا كان سبب الارتفاع المفاجئ؟ كان الدافع الذكاء الاصطناعي مرّة أخرى. نقلت “بلومبرغ نيوز” أن “أبل” تجري محادثات للحصول على رخصة لاستخدام محرك “جيميني” (Gemini) المدعوم بالذكاء الاصطناعي التوليدي من “غوغل” بغية إدخال بعض الخصائص الجديدة على إعدادات أنظمة تشغيل هواتف “أيفون”.
شراكات مربحة
يشير بعض المستثمرين إلى أن “أبل”، برغم حسن تعاملها في شأن أخبار “غوغل”، إن لم تتمكن من تعزيز مصداقيتها في مجال الذكاء الاصطناعي، ستبدو مثل “كوكا كولا” على نحو مزعج، أي أن تصبح شركة ذات أداء قوي يقترن بإيرادات موثوقة، لكنها تفتقر إلى النمو السريع الذي يطالب به المستثمرون شركات التقنية الشهيرة. قال فيل بلانكاتو، كبير استراتيجيي السوق في شركة “أوزايك هولدينغز” (Osaic Holdings)، إن أسهم “أبل” أصبحت “أقرب إلى استثمار في القيمة”.
بالمثل، فإن ارتفاع سهم “ألفابت” لن يمكّنها من التغلب على الصعوبات التي واجهتها أخيراً في مجال الذكاء الاصطناعي. اكتشف المستخدمون في فبراير أن “جيميني” يتعثر في تقديم صور دقيقة لمختلف الأعراق في السياقات التاريخية، مثل الأسئلة المتعلقة بالآباء المؤسسين لأميركا.
أثار ذلك نظريات المؤامرة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ادعى البعض أن “غوغل” لديها تحيز خفي ضد البيض. وصف ساندر بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة “ألفابت”، أداء “جيميني” بأنه “غير مقبول على الإطلاق” وأوقف خاصية توليد صور الأشخاص مؤقتاً.
يتوقع أن يستمر الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل مشهد الشركات. على سبيل المثال، كانت الشراكة بين “مايكروسوفت” ورائدة الذكاء الاصطناعي “أوبن إيه آي”، قد مكنت عملاقة التقنية من التفوق على “أبل” باعتبارها الشركة الأعلى قيمة في العالم. تبلغ القيمة السوقية لشركة “مايكروسوفت” الآن 3.2 تريليون دولار تقريباً، فيما أن قيمة “أبل” 2.8 تريليون دولار، ولم تعد “إنفيديا” تتخلف كثيراً عن الركب، حيث بلغت قيمتها السوقية بشكل مفاجئ 2.3 تريليون دولار.
آفاق جديدة
يفسر ذلك سبب تعهد رئيس “أبل” التنفيذي تيم كوك بأنها “ستفتح آفاقاً جديدةً” في مجال الذكاء الاصطناعي هذا العام. تُعتبر خطة كوك حاسمة لدى المستثمرين الباحثين بيأس عن مصادر نمو جديدة. نقلت بلومبرغ نيوز أن “أبل” تخطط لإعلان كبير خلال مؤتمرها السنوي لمطوري البرمجيات في يونيو، برغم أن صبر كثير من المساهمين بدأ ينفد، ما جعلهم يتحولون إلى الأسهم التي لديها مسار أوضح في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومنها “مايكروسوفت” و”إنفيديا”.
قال كيفن والكوش، مدير المحفظة لدى “جنسن إنفستمنت مانجمنت” (Jensen Investment Management) لإدارة الاستثمارات: “إذا أخرجت الذكاء الاصطناعي والإثارة من الصورة الآن، فهل سينظر الناس إلى (أبل) بشكل مختلف؟ أعتقد أن ذلك قد يحدث”.
سيعتمد الاتفاق بين “أبل” و”ألفابت” على الشراكة القائمة التي شهدت على مرّ سنين دفع “غوغل” مليارات الدولارات سنوياً لتكون خيار البحث الافتراضي في متصفح الويب “سفاري” (Safari). ما تزال المحادثات بين الشركتين بشأن التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي قائمة، لكن لا يُتوقع صدور إعلانات رسمية حتى هذا الصيف.
كما أنه بوسع “أبل” اختيار العمل مع لاعبين آخرين أو الاستفادة من شركاء متعددين. وقد أجرت محادثات مع “أوبن إيه آي” بخصوص هذا الشأن. من جانبهما، رفضت “أبل” و”غوغل” التعليق على الأمر.
كما يمكن لكلتا الشركتين اللحاق بـ”مايكروسوفت” إن لم تتمكنا مما هو أفضل من ذلك. إذ إن سهمها يُتداول حالياً قرب مستواه القياسي، رغم أنها كانت تُعتبر صانعة برمجيات عتيقة بعقلية القرن العشرين وسعر سهم ضعيف عندما تولى ساتيا ناديلا قيادتها في 2014.
والآن، باتت الشركة التي قدمت نظام تشغيل “ويندوز” للعالم متواجدة في كافة المجالات التقنية، بدءاً بالحوسبة السحابية ووصولاً إلى الذكاء الاصطناعي. قال مارك ليمان، الرئيس التنفيذي لشركة “سيتزنز جيه أم بي سيكيوريتيز” (Citizens JMP Securities): “لقد تطورت (مايكروسوفت) في نهاية المطاف. لكن الأمر استغرقها 15 عاماً لتتمكن من بلوغ ذلك”.